الجراحة هي إحدى التخصصات الطبية التي تعتمد على الإجراءات اليدوية والأدوات التقنية المطبقة على المرضى، وذلك بغرض المعالجة أو التحقق من وجود حالة تلف نسيجي التي قد تحدث نتيجة لبعض الأمراض أو لإصابة ما. ويهدف الإجراء الجراحي إلى تحسين الأداء الوظيفي أو الشكل الظاهري للعضو.
يمكن أن يطلق على التدخل الجراحي إجراء جراحياً أو عملية أو ببساطة جراحة، العمليات الجراحية قد تجرى على الإنسان أو الحيوانات، ويطلق على الشخص الذي يجري العملية الجراحية جراحاً وقد يوصف أيضاً بالممارس الطبي ولكن قد يطلق مصطلح "الممارس الطبي" أيضا على الأطباء والأطباء المختصين في طب الأقدام وأطباء الأسنان (المعروفون أيضا بمسمى جراحي الفم) والأطباء البيطريين، وفي حالات نادرة يجري الجراحون جراحة على أنفسهم. قد يستغرق الإجراء الجراحي من عدة دقائق إلى ساعات وبشكل عام لا يمكن أن يكون الإجراء الجراحي علاجاً مستمراً أو دورياً. ويشير مصطلح "الجراحة" أيضاً إلى المكان الذي تجرى فيه الجراحة أو قد يشير ببساطة إلى مكتب الطبيب أو الطبيب المختص في طب الأقدام أو طبيب الأسنان أو الطبيب البيطري.
تاريخ الجراحة
History of surgery
ومما يثير التعجب هو أن مرضى تلك الحقبة بالإضافة إلى المرضى في فترة ما قبل العصر الحديث قد نجو من تلك العمليات وأظهروا مؤشرات على شفاء الجمجمة، وأظهرت بعض البقايا من الشعوب التي سكنت وادي السند في فترة 3300 ماقبل الميلاد أنه قد حدثت عمليات حفر للأسنان تعود إلى 9000 سنة.
❏ Ancient Egypt ❏ مصر القديمة
كانت الحضارة الفرعونية في مصر القديمة من أكثر الحضارات تطويرا للتقنيات الجراحية، حيث وجدت رفات تعود إلى 2650 عاما قبل الميلاد تحوي على ثقبين في الفك السفلي بالقرب من جذر الضرس الأول مما يشير إلى نزيف ناتج عن خراج الأسنان. بالإضافة إلى ذلك أهدت إلينا تلك الحضارة أقدم النصوص الجراحية التي تعود إلى 3500 عاما قبل الميلاد، الممارسون الطبيون في تلك الحقبة كانوا من الكهنة المتخصصين في علاج الأمراض وهم من أجروا العمليات الجراحية ،كتب الفراعنة تفاصيل العمليات على أ وراق البردي وتفردوا بكونهم أول من وضع الملفات الطبية لحالات المرضى.
بردية إدوين سميث (الموجودة في أكاديمية نيويورك للطب) وثقت العمليات الجراحية بناء على التشريح وعلم وظائف الأعضاء، على حين ذُكر في بردية ايبرس العلاج القائم على السحر.لاحقا وثق هيردويت أعمال الفراعنة قائلا:" إن ممارسة الطب متخصصة جدا عندهم، يعالج كل طبيب مرضا واحدا فقط، فالبلد مليء بالأطباء فالبعض يعالج العيون والبعض الأسنان وبعضهم يعالج أمراض البطن وغيرها من الأمراض الداخلية. ". كما أسفرت اكتشافات مقابر عمال جريدة الأهرام حديثا عن وجود أدلة مومياء بالمومياوات على إجراء عملية جراحية بالمخ لعامل من العمال كان قد عاش لفترة عامين بعد إجراء العملية.
❏ India and Ancient Greece ❏ الهند واليونان القديمة
حضارات قديمة أخرى لديها معرفة جراحية كالهند واليونان.
في القرن السادس قبل الميلاد، وصف ساشروتا وهو أحد أشهر جراحي الهند القديمة في كتابة اكثرمن 120 أداة جراحية و300 إجراء جراحي وتصنيف لفئات الجراحة على البشر مقسما إياها إلى 8 فئات. يُعرف ساشروتا بأبو الجراحة، وقد أجرى عمليات تجميلية و عمليات السّاد(الماء الأزرق) وعمليات قيصرية، وقد كان يستخدم عصارة من الأعشاب كنوع من التخدير فقد كان جرحا في مدرسة دهانفناتري في ايورفيردا.
أما في ا ليونان القديمة، فقد انشأ معبد "اسكليبيا" المكرس للآلهة الشافية اسكليبوس، وكان هذا المعبد بمثابة مراكز للمشورة الطبية والتشخيص وتضميد الجراح. في هذه المقدسات يدخل المرضى في حالة تشبه الحلم مسببة النوم لا تختلف عن التخدير وكانوا يتلقون الإرشاد من الآلهة في الحلم أو عن طريق العمليات الجراحية، وفي معبد ابيدوروس كانت هناك ثلاث لوحات من الرخام تعود إلى 350 عاما قبل الميلاد نقشت عليها أسماء وتواريخ الحالات والأعراض وطرق شفاء حوالي 70 مريضا جاءوا إلى المعبد وهم يعانون من مشكلة قبل أنهم شفيوا منها، كان من بعض العلاجات الجراحية المذكورة استخراج الخراج من الجهاز الهضمي وإزالة مواد خارجية اخترقت الجسم، خلال تلك العمليات كان المرضى في حالة من النوم محفزة باستخدام عدد من المواد المنومة مثل الأفيون.
كان جالينوس الأغريقي من أحد أعظم جراحي العالم القديم، فقد أجرى العديد من العمليات الجريئة كجراحة المخ والعين اللتان لم تُجرى مرة أخرى إلا بعد ألفي عام.
❏ Islamic World ❏ العالم الإسلامي
خلال العصر الذهبي الإسلامي، استنادًا إلى حد كبير إلى براجماتية بول إيجينا، كانت كتابات أبو القاسم (أبو القاسم خلف بن العباس الزهراوي) ، وهو طبيب وعالم أندلسي-عربي مارس في ضاحية الزهراء بقرطبة، مؤثر. الزهراوي متخصص في علاج المرض بالكي. اخترع العديد من الأدوات الجراحية لأغراض مثل فحص مجرى البول من الداخل وإزالة الأجسام الغريبة من الحلق والأذن وأعضاء الجسم الأخرى. كان أيضًا أول من رسم القنيات المختلفة وعالج الثآليل بأنبوب حديدي ومعدن كاوي [توضيح مطلوب] كأداة مملة. يصف ما يعتقد أنه المحاولة الأولى لتصغير الثدي من أجل إدارة التثدي وأول عملية استئصال للثدي لعلاج سرطان الثدي. كان له الفضل في أداء أول استئصال للغدة الدرقية. كان الزهراوي رائداً في تقنيات جراحة المخ والأعصاب والتشخيص العصبي وعلاج إصابات الرأس وكسور الجمجمة وإصابات العمود الفقري واستسقاء الرأس والانصباب تحت الجافية والصداع. أول وصف سريري لإجراء جراحي لاستسقاء الرأس قدمه الزهراوي، الذي وصف بوضوح تفريغ السائل داخل الجمجمة عند الأطفال المصابين باستسقاء الرأس.
❏ Early modern Europe ❏ أوائل أوروبا الحديثة
في أوروبا، كانت هناك بعض التطورات الهامة في فن الجراحة خلال هذه الفترة. كان أستاذ التشريح في جامعة بادوا، أندرياس فيزاليوس، شخصية محورية في انتقال عصر النهضة من الطب الكلاسيكي والتشريح بناءً على أعمال جالينوس ، إلى النهج التجريبي للتشريح "العملي". في معاهداته التشريحية De humani corporis fabrica ،كشف العديد من الأخطاء التشريحية في جالينوس ودعا جميع الجراحين إلى التدريب من خلال الانخراط في التشريح العملي بأنفسهم.
أما الشخصية الثانية ذات الأهمية في هذا العصر فكان أمبرواز باري (يُطلق عليه أحيانًا "أمبروز") ، وهو جراح في الجيش الفرنسي من ثلاثينيات القرن الخامس عشر حتى وفاته في عام 1590. كانت ممارسة كي الجروح الناتجة عن طلقات نارية في ساحة المعركة هي استخدام الزيت المغلي. إجراء شديد الخطورة ومؤلمة. بدأ باري في استخدام مطريات أقل تهيجًا، مصنوعة من صفار البيض وزيت الورد وزيت التربنتين. كما وصف تقنيات أكثر كفاءة للربط الفعال للأوعية الدموية أثناء البتر.
Halsted's principles
مبادئ هاليستد
وقد تم تقديم هذه النقاط الرئيسة بواسطة وليام ستيوارت هاليستد (William Stewart Halsted).
- التعامل الرقيق مع الأنسجة.
- طريقة معقمة صارمة أثناء التحضير والجراحة.
- تشريح حاد للأنسجة.
- وقف النزف بحذر لتحسين الظروف الملائمة للعملية الجراحية وتقليل العدوى وهواء الحيز الراكد.
- إزالة هواء الحيز الراكد وإزالة المواد بشكل كافٍ.
- تجنب التوتر.
الجراحة الحديثة
Modern surgery
❏ النزيف
قبل تطور الطب الحديث كان المرضى مهددون بالنزف حتى الموت قبل علاجهم أو خلال العملية ومن أحد الطرق الناجحة التي استخدمت لإغلاق الجروح كانت الكي "إغلاق الجروح بواسطة الحرارة العالية" وكانت شديدة الألم ومدمرة للأنسجة وذات نتائج سيئة على المدى الطويل. ومن أحد الطرق الأخرى التي استخدمت لإغلاق الجروح هي الربط (التي أنشأها الرومانيون القديمون وطورها أمبرواز باري في القرن السادس عشر)وكانت يستخدم فيها مواد معينة لإغلاق جروح الأوعية الدموية بالرغم من حداثة تلك الطريقة وتفوقها على الكي إلا أنها لا تزال خطيره حتى تم التمكن من السيطرة على الالتهابات التي لم تكن مفهومة في ذلك العصر.
وفي القرن العشرين أتاحت بحوث فصائل الدم الفرصة لنقل الدم للمرضى وبالتالي التعويض عن كميات الدم المفقودة.
❏ الألم
اكتشف التخدير حديثا على اثنين من جراحي طب الأسنان أمريكيين الجنسية وهما هوراس ويلز (1815-1848) وليام تي جي مورتون. قبل اكتشاف التخدير كانت الجراحة إجراء في غاية الألم للمرضى والحل الوحيد لتخفيف ذلك الألم هو السرعة في إجراء العملية، مما أدى إلى اقتصار العمليات على البتر وإزالة الإطراف.
وفي بداية الأربعينيات من القرن الثامن عشر، اتخذت الجراحة منحى أخر بعد أن اكتشاف المواد الكيميائية المخدرة كالايثر والكلوروفورم التي لعب دورا كبير في اكتشافها البريطاني جون سنو.
وبالإضافة إلى تخفيف معاناة المرضى فقد سمحت تلك المواد للجراحين بإجراء عملية معقدة في الأجزاء الداخلية من جسم الإنسان، وكعلاج لحالة أخرى يمر بها المرضى بعد العمليات الجراحية تم اكتشاف مرخيات العضلات ومن أهمها الكورار الذي جعل تلك العمليات أكثر أمنا وأقل ألما.
❏ الالتهابات
مع ازدهار العمل الجراحي بعد اكتشاف التخدير ازدادت أعداد المرضى المصابين بالتهابات ما بعد الجراحة، ومما زاد الأمر سوءا هو أن مفهوم الالتهاب لم يكن مفهوما حتى فترة حديثه نسبيا. وجاء التقدم الأول في مكافحة الالتهاب في عام 1847 من قبل الطبيب الهنغاري اقناز سيميلفايز، الذي لاحظ أن طلاب الطب الخارجين من غرف التشريح أدوا إلى ازدياد عدد الوفيات بين الأمهات حديثي الولادة مقارنة بعدد الوفيات بإشراف القابلات، بعد ذلك فرض سيميلفايز على جميع من يدخل إلى جناح الأمهات حديثات الولادة أن يغسل ويعقم يديه مما أدى إلى انخفاض عدد الوفيات، لكن الجمعية الملكية في المملكة المتحدة رفضت نصيحته. جاء التقدم الكبير بعد ذلك، في أعقاب أعمال لويس باستور وتقدمه في علم الأحياء المجهرية، حين كان الجراح البريطاني جوزيف ليستر قد بدأ بتجريب استخدام الفينول أثناء العملية الجراحية لمنع حدوث الالتهابات وبالفعل كان ليستر قادر على خفض معدلات الإصابة بالالتهابات بشكل كبير وقد ساعد على هذه استمرار تلك المعدلات بالانخفاض التقنيات التي استحدثها روبرت كوخ كالتعقيم بالبخار الذي اثبت فعاليته أكثر من التعقيم بواسطة رذاذ الحمض الكاربوليكي المستخدم مسبقا من قبل ليستر لتعقيم الأدوات. لاحقا أصبح غسل اليدين وارتداء القفازات من مسلمات التعقيم في غرف العمليات. نشر ليستر أعماله على هيئة مقالات متسلسلة في مجلة لانسيت (آذار / مارس 1867) تحت عنوان "مبادئ التعقيم للممارسات الجراحية"، كانت مقالته بمثابة حجر الأساس للقدرة على التحكم بالالتهابات في العصر الحديث التي استخدمت لاحقا لمدة 50 عاما في المسارح الجراحية، وكرس ليستر نفسه لاتخاذ خطوات واسعة في مجال التعقيم طوال حياته.
التخصصات الجراحية
Surgical specialties
* بعض التخصصات الأخرى تنطوي على بعض صور التدخل الجراحي خصوصا أمراض النساء، أيضا بعض الناس ينظر إلى طرق العلاج الغازية أو التشخيص كقسطرة القلب والتنظير ووضع أنابيب الصدر أو وضع الخطوط المركزية كإجراء جراحي. ولكن معظم المجال الطبي لا يشاطر هذا الرأي.