الدور الحيوي
للكوبالت دورٌ حيويٌّ مهمٌّ في استقلاب عددٍ من الكائنات الحيّة، فهو من المُغَذّيّات الضرورية، خاصّةً لدى الحيوانات، إذ أنّه مُكَوّنٌ مٌهِمٌّ في تركيب الفيتامين بي 12 (B12)، والذي يُعرَف باسم «الكوبالامين».
على الكوبالامين أن يرتبط بعاملٍ داخليٍّ ، وهو بروتينٌ سكّريٌّ يُنتَج بواسطة الخلايا الجدارية في المعدة، ويُمتصّ في منطقة اللفائفي في الأمعاء الدقيقة.
بما أنّ مركز إنتاج الكوبالامين في جسم الإنسان يقع في الأمعاء الغليظة؛ لذلك ينبغي تأمين مصدر الكوبالامين من الغذاء.
يعدّ الكوبالت من العناصر الشحيحة الزهيدة التي يكفي كمّيّات ضئيلة منها لتغطية المدخول اليومي . تقوم البكتريا (العتائق ) الموجودة في أمعاء الحيوانات المجترة بتحويل أملاح الكوبالت المختلفة إلى كوبالامين؛ لذلك فإنّ وجود أملاح الكوبالت بمجرّد كمّيّات نَزِرة كفيلٌ بتحسين صحّة الحيوانات في المراعي، إذ أنّ الحصول على كمّيّة من الكوبالت بمقدار 0.20 مغ/كغ كافٍ لتأمين مصدرٍ لاصطناع الكوبالامين حيوياً.
تقوم البروتينات الحاوية على الكوبالامين باستخدام مركّب الكورين لاحتجاز الكوبالت؛ في حين أنّ الكوبالامين يتميّز بوجود رابطة فعّالة بين الكربون والكوبالت C-Co تساهم بدخوله في التفاعلات الحيوية.
يوجد نمطان من الرُبَيطات الألكيليّة في الكوبالامين لدى الإنسان، وذلك إمّا على هيئة مجموعة ميثيل أو أدينوزيل.
في الحالة الأولى، يدعى المركب «ميثيل كوبالامين» (والذي يُرمَز له اختصاراً MeB12)، ويقوم بدورٍ في نقل مجموعة الميثيل الحيوية.
في الحالة الثانية يقوم الكوبالامين بتحفيز تفاعلات إعادة الترتيب الحيوية،
فعلى سبيل المثال، يعدّ الكوبالامين الحاوي على الأدينوزيل ضرورياً من أجل الدور الوظيفي لإنزيم موتاز ميثيل المالونيل-مرافق الإنزيم A ، والذي يقوم بتحويل وحدة ميثيل المالونيل في ميثيل المالونيل-مرافق الإنزيم A إلى وحدة سكسينيل في سكسينيل-مرافق الإنزيم A ، وتلك خطوة مهمّة في أيض (استقلاب) الدهون والبروتينات.
إلى جانب الكوبالامين يوجد البعض من البروتينات الحاوية على الكوبالت والتي لا تستخدم الكورين من أجل حجز الكوبالت، إنّما يكون الارتباط بالكوبالت مباشراً، ومن الأمثلة عليها إنزيم ميثيونين أمينوببتيداز وهيدريتاز النتريل.
عوز الكوبالت
لا تصادَف حالة عوز الكوبالت (نقص الكوبالت) عند البشر في حال تناول الإنسان للمصادر الغذائية الطبيعية الحاوية على الكوبالامين (فيتامين بي 12).
يؤدّي عوز الفيتامين بي 12 إلى حدوث خللٍ في تكوّن الكريّات الحمر ، ممّا قد يؤدّي إلى حدوث حالة من فقر الدم .
أمّا المجترّات من البقر والغنم فتؤمّن حاجتها من الكوبالامين عن طريق الاصطناع الحيوي، الذي تقوم به البكتريا الموجودة في كروش تلك المواشي. يؤثّر نقص الكوبالت على صحّة المواشي، إذ يؤدّي إلى اضطراب في النموّ والرضاعة وحدوث حالة من فقر الدم وفقدان الشهية. وتلك ظاهرة اكتشفت أوائل القرن العشرين ، وذلك أثناء برنامج تطوير الزراعة في الهضبة البركانية في الجزيرة الشمالية في نيوزيلندا؛ إذ لوحِظَ أنّ المواشي كانت تعاني من الهزال، فيما أطلق عليه حينها اسم «داء الشجيرات» .
اكتُشفَ فيما بعد أنّ التربة البركانية المنتشرة هناك كانت فقيرة بأملاح الكوبالت الضروريّ توفّرها في السلسلة الغذائية للمواشي. لوحظت ظاهرة مشابهة في المواشي في منطقة صحراء التسعين ميلاً في جنوب أستراليا. جرى التغلّب على هذه الظاهرة من خلال مزج التربة بمضغوطاتٍ من أملاح الكوبالت اللاعضوية.
المخاطر
تعدّ مركّبات الكوبالت اللاعضوية من المركّبات السامة؛ وذلك ما أثبتته التجارب على الجرذان.
تقع قيمة الجرعة المميتة الوسطية لأملاح الكوبالت المنحلّة تقديرياً بين 150 إلى 500 مغ/كغ.
في الولايات المتّحدة الأمريكية حدّدت إدارة السلامة والصحّة المهنية حدّ التعرّض المسموح به من الكوبالت في مكان العمل في متوسّط زمني مُثَقّل بمقدار 0.1 مغ/م3؛ أمّا المعهد الوطني للسلامة والصحّة المهنية فوضع حدّ التعرّض الموصى به من الكوبالت بمقدار 0.05 مغ/م3؛ أمّا المقدار الذي يسبّب خطورةً فوريةً للحياة أو الصحّة فيبلغ 20 مغ/م 3.
تجدر الإشارة إلى أنّ تناول الكوبالت المزمن قد سبّب مشاكل صحّية جسيمة بجرعاتٍ أقلّ بكثير من الجرعة المميتة؛ ففي سنة 1966 أدّت إضافة مركّبات الكوبالت بغرض تثبيت رغوة البيرة في كندا إلى أشكال محدّدة من اعتلال عضلة القلب المحرَّض ذيفانياً.
يسبّب استنشاق الكوبالت مشاكل تنفسية؛ كما يؤدّي لمس هذا الفلز إلى مشاكل جلدية، إذ يأتي بعد النيكل والكروم في تسبّبه بحدوث التهاب الجلد التماسي التحسسي .
يعدّ الكوبالت مكوّناً من مكوّنات دخان التبغ، إذ يُمتَصّ نبات التبغ الكوبالت من التربة المحيطة ويُركّزه مع الفلزّات الثقيلة الأخرى في أوراقه بسهولة؛ وتلك المكوّنات اللاعضوية تُستَنشق لاحقاً أثناء تدخين التبغ.
تصنّف الوكالة الدولية لبحوث السرطان فلزّ الكوبالت ضمن المجموعة 2B في تصنيف المُسرطِنات؛ ممّا يعني أنه هناك احتمالية لهذا الفلز أن يسبّب مرض السرطان.